لتكنْ الزَّهراء (عليها السلام) قدوتكم في العبادة، وقدوتكم في الأخلاق والجهاد والعطاء والإيثار.
عبر التاريخ ومن خلال سلم الأحداث المتدرج والمتعرج، تنطلق ثائرة المشاعر المتدفقة بالقيم الإيمانية ومن شعاع القلب المزدهر بالطهر الذي لا يرتفع إلى مستواه بقية البشر
انها سيدة النساء، حورية السماء، ثالثة أهل الكساء، ذات العلم والبهاء، ينبوع البذل والعطاء، أصل الجود والسخاء، وموضع الصدق والوفاء، أم الأولياء، ووالدة الشهداء، بنت خير الأنبياء، فاطمة البتول الزهراء صلوات الله وسلامه عليها.
تعتبر فاطمة الزهراء (عليها السلام) المرأة المثالية في الاسلام، والقدوة الصالحة لكل امرأة تبحث عن السعادة في الحياة
فهي سيدة نساء العالمين وربيبة الوحي والتنزيل، وخريجة مدرسة النبوة والرسالة، وهي التي بلغت القمة الشاهقة في العظمة والمنزلة.
إن السيدة فاطمة (عليها السلام) مثال كل فضيلة ونموذج كل خير، سعدت كل امرأة اقتدت بها، وشقيت كل امرأة تركتها واقتدت بغيرها.
لقد كانت حياة هذه المرأة العظيمة مليئة بالعمل والسعي والتكامل والسمو الروحي للإنسان، كما كانت كالجندي المضحي في الميادين المختلفة، حيث كان تواجدها ودورها الفعال والمؤثر منذ فترة الطفولة في مكة وفي شعب أبي طالب ومساعدة والدها العظيم وشحذه بالمعنويات، إلى مواكبة أمير المؤمنين (عليه السلام) في مراحل حياته الصعبة في المدينة.. في الحرب، وفي غربته، وحيال التهديدات التي واجهته، وفي صعوبات الحياة المادية ومختلف الضغوط، وكذلك خلال فترة محنته- أي بعد رحيل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)- سواء في مسجد المدينة أو على فراش المرض، خلال كل هذه المراحل والأطوار كانت هذه الإنسانة الكبيرة مجاهدة ساعية مكابدة.. كانت حكيمة مجاهدة وعارفة مجاهدة فلذا ونحن نعيش اليوم ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء (عليها السلام) يجب على النساء المسلمات أن يقفن على حقيقة هوية المرأة المسلمة ومكانتها السامية في نظر الإسلام وفي ضوء النظام الإسلامي، حيث إنه في مثل هذه الظروف يجدر بالمرأة المسلمة أن تستعيد هويتها عن طريق التأمّل في المفاهيم الإسلامية والمثل الدينية. فلذلك حين يكون للمرأة المؤمنة منهاج وقدوة ومدرسة تنهل من معينها الصافي عذب السلوك وصالح القول والعمل والنية في كل ميدان فيه لله رضى فإن ذلك يعتبر كنزاً عظيماً وثميناً لا يقدر بكنوز الأرض. ومن عظيم لطف الله ورحمة الله بعباده أن أوجد لنا النماذج البشرية لتكون المعلم والمنهل والمربي الأول في حياة الفرد والمجتمع والأمة. حيث إن السيدة الزهراء (عليها أفضل الصلاة والسلام) بما حملته من القيم النبيلة والمثل العليا مثَّلت برصيدها التاريخي العظيم كل معاني الإنسانية والفضيلة والكمال البشري، فكانت بحق مدرسة الأجيال، مدرسة الصبر والإباء والفداء وقبلة التضحية والصمود. ولنا فيها أسوة وقدوة في الميدان العملي والجهادي وحتى في الميدان العبادي والأسري.
ومن الدروس التي لا بدّ من أن نتقنها جيّداً من تعاليم هذه الإنسانة العظيمة [السيّدة الزّهراء(عليها السلام)]، ليكون ولاؤنا لها ولاءً حقيقيّاً وحبنا لها صادقاً:
-كونوا للإسلام:
إنّ نداء فاطمة (عليها السلام) للمؤمنين والمؤمنات، هو أن يكونوا للإسلام بعقولهم وقلوبهم وعواطفهم وحركاتهم وأفعالهم وأقوالهم وكلّ حياتهم، كما كانت هي للإسلام في كلّ ذلك رغم حياتها القصيرة.
فقد كانت للإسلام عندما وقفت مع رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم)، وخفّفت عنه الأذى الذي لحقه من المشركين، وكانت آنذاك في عمر الطفولة، وقد احتضنته وخففت عنه الهموم والآلام، حتى قال عنها إنها “أمّ أبيها”.
وكانت للإسلام عندما بذلت وأنفقت وجاهدت في سبيل الله، وكانت للإسلام بكلّ وجودها وكيانها وحياتها. هذا هو نداء فاطمة (عليها السلام): كونوا للإسلام، واعملوا من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الشّيطان هي السّفلى.
نداؤها أنّ هناك أكثر من قضية تنتظركم على طريق الإسلام، فإذا كان الموقف يستدعي الجهاد فجاهدوا، وإذا كان يفرض أن تقفوا وتتوحّدوا وتجمّدوا كلّ خلافاتكم بالرغم من كلّ مآسي التاريخ وآلامه فافعلوا، وليكن الهدف الكبير والعنوان الأساس الذي تقدِّسونه هو الإسلام، اعملوا من أجل الدعوة إلى الله ودينه الذي ارتضى ليكون الدّين هو الأقوى والأعزّ والأرفع من خلال ما تطرحونه من فكر، وما تتحركون به من خطوات.