لهذه السيدة دور عظيم وكبير في نشر الإسلام واستمراره في ظل وجود رسول الله وحتى بعد وفاته إذ لم يثنها شيء عن ممارسة دورها وإيصال رسالتها الحقة حتى حينما كانت مكسورة الأضلاع فاقدة لجنينها وفوقها ضرب السياط والعنف الذي مارسه آل الشيطان عليها فقد وقفت صامدة شامخة في وجه أعداء الله وأعداء الدين الإسلامي الذي هو امتداد لرساله العدل والإنسانية الإلهية .
فحينما ننظر إلى دور سيدة نساء العالمين ونقارنه بما نراه في المجتمعات الإسلامية الحالية نلاحظ أن السيدة الزهراء كانت تعيش في عالم آخر وفي الحقيقة نحن من نعيش في عالم بعيد عن الإسلام والمسلمين حيث لا دور للمرأة في هذه المجتمعات بحجة فساد المجتمع وكثرة المنحرفين وبسبب تهميش الصورة والدور الحقيقي للمرأة المسلمة حيث تبقى مشغولة بالكثير من الأمور كالبيت والعمل وتربية الأطفال والهاتف وتصفح المواقع متناسين أن للمرأة المسلمة دور مهم في ظل كل هذه الأمور فالعمل في المنزل وتربية الأطفال هي أقل دور إسلامي رسالي يمكن للمرأة المسلمة الالتزام به في حال عجزت أو كانت تشعر بأنها غير قادرة على حمل ونشر الرسالة المحمدية المهدوية..
حيث تستطيع أن تؤدي دورها داخل المنزل بإنشاء بيئة إسلامية صحية من خلال تربيه الأطفال على مبادئ الإسلام والعمل به والأخلاق المحمدية الرصينة ومن خلال تعليم أطفالها وأهلها في المنزل أن الانسان يستطيع أن يحصل على رضى الله ويدعم المنهج الإسلامي ويعيش السعادة والاسترخاء النفسي في ظل الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية التي كانت وما زالت منبع للحب والحنان حيث حرم الله كل العوائق التي تحد وتقف وتمنع انشاء انسان ناجح ذو شخصية مميزة وصاحب إنجازات عظيمة بالحفاظ على منزلها بعيدا عن الخرافات والدجل والتحريف الإعلامي والانحطاط الخلقي حيث عليها أن تتقن أساليب التربية الصحيحة وطرق المعاملة الإسلامية في حال واجهت الرفض والنفور من قبل أهلها وهذا أضعف الايمان.
أما لو أردنا التحدث عن الدور الحقيقي للمرأة المسلمة فسنأخذ السيدة الزهراء كمثال واضح وفعال في النهوض بالمجتمع الإسلامي على أيدي النساء المسلمات من خلال تطبيق المنهج الفاطمي الذي أسسته الصديقة الكبرى في نشر الإسلام بين الأوساط النسوية المسلمة أو حتى غير المسلمة كما فعلت سيدة النساء باستخدامها للطرق العقلية في الدعوة للإسلام حيث جمعت سيدتنا الزهراء كل الأدوار التي تستطيع المرأة تأديتها ومنها :
· الدور السياسي.
· الدور العلمي والفكري.
· دورها كامرأة عاملة.
· دورها كممثلة للدين الاسلامي.
الدور السياسي: فقد برز هذا الدور بوضوح في الخطبة الفدكية حيث ناقشت وفضحت الاعلام السياسي المنحرف في زمنها من خلال اثبات أن الأنبياء يورثون عكس ما قال أبو بكر من ادعاءات نسبها للإسلام ولرسول الله وروج لها الطامعون بالحضارة الإسلامية القوية التي أسسها رسول الله عن طريق تطبيق أحكام الإسلام للوصول الى الحكم والتحكم بمقدرات تلك الدولة العظمية..
حيث كانت روحي فداها أول الواقفين بوجه الظلم المدافعين عن الحق وعن الإسلام من خلال مطالبتها بحق الامام علي {عليه السلام} بالخلافة الإسلامية وهذا الفعل كان نابع من ادراكها لمقام الامامة في بناء المجتمع واستمراره بحفظ حياة الانسان وصيانتها ورفعها عن كل مطمع وفعل يظلم فئة معينة أو يمارس التهميش والعنف ضدها كما حصل مع الحكومات والدول من تهميش للمسلمين وابادتهم، ولا يخفى عن أحد ما حصل في واقعة كربلاء من جرائم شنيعة فقط لأن الامام الحسين {عليه السلام} أراد أن يعيد سنن الرسول وقيم الإسلام للحياة وليس غريب عليها فهمها لقيم الإسلام ومعاني الإمامة فقد فضلها الله بأنها أم الأئمة فهي منبع للعلم والمعرفة ولا يولد العدل الإلهي إلا من رحم عادل فاهم للقيم الإلهية.
الدور العلمي والفكري: ساهمت بنشر الإسلام والعلوم من خلال إقامة المجالس النسوية مناقشة وحلا للمشاكل اليومية والحياتية وتوضيح الشريعة الإسلامية للنساء فهي الصوت الإعلامي النسوي للدعوة الإسلامية وهذه أحد الأمور التي نفهم من خلالها كيف كانت العفة والحياء في الإسلام فمن نعم الله على المسلمين أن الله جعل السيدة الزهراء قائدة إسلامية نشرت الدين والعلم بأسلوبها الخاص الجميل الذي جذب النساء إليها، حيث كانت مجالسها تعقد باستمرار وفي كل المناسبات وهذا يعني انها لم تتوقف أو تتوانى في نشر القيم الفكرية حيث كانت تحث النساء على التعلم والتفقه وأشعلت بهم روح المعرفة والعلم حيث كان تأثيرها واضحا حين أرادت أن تخطب بالناس خطبتها الفدكية التي تميزت بالبلاغة والاستدلال بلسان المنطق والعدل إضافة إلى الآيات القرآنية التي كانت كلام الفصل في اثبات حقها وحق امام زمانها وفضل رسول الله على المسلمين كافة ووضحت أسباب الانحراف والفساد والاختلاف على منهج رسول الله وبهذا نعرف أن الدور العلمي والفكري واجب على المرأة المسلمة المؤمنة بعدل الإسلام ووجوب استمراره حيث أثبتت أن قيم العلم والفكر يجب أن تنشر بشجاعة وقوة لكشف حجب الظلام والتخلف عن العقل البشري والارتقاء بالواقع الاجتماعي والثقافي لدى النساء فقد كانت الخطيبة البليغة العالمة المحدثة الصديقة .
دورها كامرأة عاملة: لا يخفى على أحد أن أم هذه السيدة كانت تاجرة من أغنى الناس في مكة المكرمة ولا يخفى عن أحد فضل السيدة خديجة فالسيدة الزهراء ابنة لتلك المرأة العظيمة فكما كانت أمها تتمتع بعقل تجاري فالسيدة الزهراء لم تكن فارغة في هذا الجانب فقد كانت سيدة منزل وأم أطفالٍ حنونة وزوجة حكيمة متفهمه وفي نفس الوقت كانت تدير ارض فدك فقد كانت هي المسؤولة عنها من حيث عدد العمال والزراعة والمصاريف التي تحتاجها والأموال التي تعطيها تلك الأرض فهي كانت المتصرفة في أرض فدك من كل النواحي.
فقد كان للسيدة الزهراء مدخولها الخاص من المال وكانت تستعمل أموالها في سبيل الله كما فعلت أمها من قبلها حيث أفنت كل تلك الأموال في سبيل الإسلام ودعوة رسول الله حيث كانت صاحبة الدعم المالي، وكذلك سيدة النساء ساهمت في اصلاح وتغيير حياة الكثير من الفقراء والمحتاجين فقد كانت سيدة ناشرة للفرحة في قلب من يطرق بابها ويطلب العون منها فلم تكن ترد أحد وبهذا تكون سيدتنا جسدت أفضل معاني الإدارة والأخلاق الاقتصادية فهي حتى حينما كانت تكسب أموالها الخاصة لم تنفقها إلا فيما يرضي الله ولم تكن من المقصرين مع زوجها وأطفالها وربها بحجة العمل والعلم فهي لم تنزع حجابها لتدير فدك ولا قللت من عفتها وحيائها بحجة ضرورات العمل فهي من طبقت دين الإسلام في منزلها وعملها ولم تهمل منه أي جانب لأي سبب كان وبذلك تدحض السيدة الزهراء كل التهم والافتراءات الموجهة للدين والعفة والحجاب باعتبارها حاجز في وجه العمل النسوي.
دورها كممثلة للدين الإسلامي: إضافة للعلم والمعرفة التي تمتعت بها في كل الجوانب من صوت اعلامي وديني وفهمها السياسي والاقتصادي ومشاركتها إلى جانب أبيها في الحروب فقد كانت ممن تمكن من تطبيق الدين الإسلامي في الحياة العلمية واليومية فلم تقصر سيدتنا يوماً في صلاتها أو عبادتها أو تقربها من الله فقد كانت المرأة الزاهدة الحكيمة الحليمة العارفة.
فأخلاقها مرجع للنساء والرجال حيث جسدت كل معاني وقيم الأخلاق الرفيعة في التعامل مع الناس وخصوصاً مع الفقراء والمحتاجين فهي الحامية لقلوب ومشاعر من استضعفوا في هذه الحياة ولم تعطي يوماً مناً أو تفضلا فقد كانت تمنحهم من أفضل ما لديها وأحب الأشياء على قلبها فلا عجب أن نزلت آية تخلد صدقها وحبها الصادق للمساعدة فهي سيدة رقيقة القلب، صلبة الموقف في وجه الظلم والظالمين فلا مكان للخضوع والخنوع والخوف من التعذيب والترهيب في حياتها وبهذا تنفي سيدة النساء كل طرق الانحراف والانجرار خلف مسميات التحرر أو الخوف من السلطات والقوة فهي علمتنا أن الحق مع الله ومن كان مع الله لا يخسر أبداً.
فمن أراد أن يعرف ما هو دور المرأة في الإسلام فلينظر إلى حياة قائدة النساء التي وصلت في علمها وتقواها إلى الحد الذي فضلها الله به على الكثير من الرجال والنساء، وبذلك نفهم أن العلم والمعرفة والدين والفكر لا يحدها نوع الجنس أو البيئة المحيطة أو حتى كمية الظلم والتعسف والعنف الممارس على المسلمين، فمن كان الله ربه فلماذا يخاف الموت والعذاب في سبيل الله؟، فها هي بنت رسول الله تحملت الكثير ومارست دورها بكل اتقان واحتراف وبذلك رسمت خط لكل النساء الرساليات في إيصال قضيتها ونصرة دينها حيث أن الدفاع عن الدين والحق هو أعظم دور جهادي للمرأة.