-تستوقف الإنسان الباحث والمتأمل موضوعات كثيرة في ذكرى ولادة السيدة الزهراء، ولعل اهم هذه المواضيع في هذا المجال هو “حجيّة السيدة الزهراء “ع”، فالحجية والعلم في الأديان السماوية عموما وفي دين الإسلام على وجه الخصوص توأمان لا ينفصلان.
وفي هذا السياق يشرح فضيلة الشيخ حسان سويدان عبر “شفقنا” قول الإمام العسكري”ع”: “نحن حجج الله على الخلق، وفاطمة الزهراء حجة الله علينا”، مشيرا بأن الأمر يكتسب اهمية اعلى عندما تكون الحجة من النساء ولا تكون من نبي او وصي، ومن الطبيعي ان يكون النبي حجة على اوصياءه لأنه قناة الوحي الإلهي، أما ان تكون ابنة النبي حجة على جميع الحجج فهذا امر يستدعي التأمل والتوقف كثيرا عنده.
وأضاف “اذا ما التفتنا الى ما ثبت لدينا في مدرسة اهل البيت “ع” للتواتر المعنوي، نرى بأن الزهراء كان ينزل عليها ملك يحدثها بعد وفاة ابيها وما تكوّن من هذا الحديث عبر كتابة علي “ع” صحف جمعت في قرطاس، وسميت بمصحف فاطمة، والمصحف لا يعني القرآن بطبيعة الحال”.
وتابع “يزداد الامر اهمية اذا ما التفتنا الى الروايات الكثيرة في مصادر علوم ائمة اهل البيت التي يتحدثون فيها عن مصادر علومهم ويذكرون الصحيفة وفيها احكام الشرع، وان مصادر علومهم من مصحف امهم فاطمة ما يعني ان دائرة علوم اهل البيت لا تكتمل الا من خلال وجود هذا المصحف بين ايديهم وانه جزء من مكون حجيتهم، فهذا العلم الذي اتى عبر الزهراء يعني ان الحجية الكاملة لاهل البيت انما اكتملت بمصحفها وهذا اوجه ما يمكن ان يقال في مجال حجيتها على حجج الله جميعا”.
كيف استطاعت أن تحقق أعلى درجات الكمال الإنساني؟
يشير استاذ الدراسات العليا في الحوزة العلمية، ان الكمال لا يمكن ارجاعه الى علة او سبب او مبدأ واحد بل هو مجموعة ونتاج من العوامل واحد منها لا يرتبط باختيار الإنسان، كأن يولد من اصلاب شامخة وارحام مطهرة وهذا لا ينطبق باختيارنا لاننا لم نختر من اي اب او ام نأتي بل الله هو الذي يقدر للانسان ذلك”.
واضاف “لقد امتحن الله قبل ان يخلق هذا الخلق في طينتهم وأصل تكوينهم، ونحن نقرأ في زيارة السيدة الزهراء، “يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل ان يخلقك فوجدكِ لما امتحنكِ صابرة”، وهذا عالم يطول الحديث فيه، وقُدِّر للزهراء ان تكون من اصلاب شامخة وارحام مطهرة في بيت مطهر، ليس لمجرد دنوّها لنبي بل ان الله تعالى قد قدر لها ان يكون اصل تكوينها من الجنة فكان من طعام اكله رسول الله “ص” من الجنة، وقد هيأ الله للزهراء هذا التكوين الأساسي الراقي واختارت عندما جاءت على هذه النشأة ان تكون ملتزمة تمام الإلتزام ليس بالواجب والحرام فقط وليس للمستحب والمكروه فقط بل بأعلى درجات المراقبة لله تعالى والسلوك الحسن السوي، فهي بشر تحملت كل ما يتحمله البشر من امثالها واكثر، عندما كانت بنتا لأبيها وزوجه لأخيه علي “ع” وأُماً لأبناءها وأما لأبيها وتجلى من خلال الحياة الإجتماعية والأسرية بتضحية عظيمة وعمل دؤوب.
ولفت الشيخ سويدان الى ان “هذه الامور الاساسية تشكل في حياتنا رجالا ونساء مناهج للتعليم والتربية ولا يمكن لانسان ان يزعم ان الزهراء سيدته ولا يقف مليا ليتأسى ويقتدي بها في العلم والعمل في جميع المجالات”.