مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
{فاطمة الزهراء عليها السّلام } / القران الكريم
+ = -

{فاطمة الزهراء عليها السّلام }

هي فاطمة بنت النبيّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ المضريّ، القرشيّ، العدنانيّ، و أمّها السيّدة خديجة بنت خويلد.

كانت تكنّى بأمّ الحسن، و أمّ الحسين، و أمّ الحسنين، و أمّ المحسّن، و أمّ الأئمّة، و أمّ أبيها و غيرها.

لقّبت بألقاب عديدة منها: الزهراء و الحوراء، و المحدّثة، و المحدّثة، و البتول، و الصدّيقة، و غيرها من الألقاب الفاضلة، و أشهرها الزهراء.

هي بنت الرسول الأعظم و النبيّ الأكرم محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و زوجة إمام المتّقين و سيّد الأوصياء و أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، و أمّ سيّدي شباب أهل الجنّة الإمامين الهمامين الحسن و الحسين عليهما السّلام.

هي سيّدة نساء العالمين من الأوّلين و الآخرين، و سيّدة نساء أهل الجنّة، و كانت معصومة طاهرة مطهّرة، و على درجة فائقة من العلم و الفضل و الكمال و السؤدد.

ولدت عليها السّلام بمكّة المكرّمة في العشرين من جمادى الآخرة في السنة الخامسة بعد المبعث النبويّ الشريف، و قيل: ولدت سنة إحدى و أربعين من مولد النبي صلّى اللّه عليه و آله- أي بعد المبعث بسنة واحدة- فولادتها الميمونة على هذا الأساس تكون بعد الإسراء بثلاث سنين، و هناك أقوال أخر في ولادتها لا يعوّل عليها.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «أتاني حبيبي جبرئيل عليه السّلام بتفّاحة من تفّاح الجنّة فأكلتها و واقعت خديجة عليها السّلام فحملت بابنتي فاطمة عليها السّلام».

قالت السيّدة خديجة عليها السّلام: إنّي حملت حملا خفيفا، فإذا خرجت حدّثني الذي في بطني.

فلمّا أرادت السيّدة خديجة عليها السّلام أن تضع حملها بعثت إلى نساء قريش ليأتينّها فيليّن منها ما يلي النساء ممّن تلد، فأبين أن يأتينّها و قلن: لا نأتيك و قد تزوّجت من محمّد صلّى اللّه عليه و آله، فبينما هي تكابد آلام الوضع إذ دخل عليها أربع نسوة عليهنّ من الجمال و النور و الوقار ما لا يوصف، فقالت، إحداهنّ: أنا أمّك حوّاء، و قالت الثانية: أنا آسية بنت مزاحم، و قالت الثالثة: أنا كلثم أخت موسى بن عمران عليه السّلام، و قالت الرابعة: أنا مريم بنت عمران أمّ عيسى عليه السّلام، جئنا بأمر ربّنا لنلي من أمرك ما يلي النساء.

قالت خديجة: فولدت فاطمة عليها السّلام، فوقعت حين وقعت على الأرض ساجدة رافعة إصبعها.

كانت أحبّ الناس إلى أبيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فربّيت في أحضان النبوّة، و ترعرعت في حضيرة الوحي، و شبّت في مروج الرسالة، و تغذّت من ثدي الإيمان، و نشأت في ربوع الفضيلة و الكمال.

شهدت حوادث البعثة و الهجرة، و وقفت على دقائق أمورها، فكانت مع أبيها بمكّة ثماني سنين، ثمّ صحبته في هجرته إلى المدينة المنوّرة، و لم تزل بها حتّى فارقت الحياة.

زوّجها أبوها صلّى اللّه عليه و آله بأمر من السماء من عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في اليوم الأوّل من شهر ذي الحجّة في السنة الثانية من الهجرة.

قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «أتاني ملك فقال: يا محمّد! إنّ اللّه يقرئك السّلام و يقول: إنّي قد زوّجت فاطمة عليها السّلام ابنتك من عليّ ابن أبي طالب عليه السّلام في الملإ الأعلى فزوّجها في الأرض».

عن أنس بن مالك قال: بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المسجد إذ قال لعليّ عليه السّلام: «هذا جبريل يخبرني أنّ اللّه زوّجك فاطمة عليها السّلام، و أشهد على تزويجها أربعين ألف ملك، و أوحى إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدرّ و الياقوت، فنثرت عليهم الدرّ و الياقوت، فابتدرت إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدرّ و الياقوت، فهم يتهادونه إلى يوم القيامة».

قال عبد اللّه بن عبّاس: في الليلة التي زفّت فيها فاطمة إلى عليّ عليه السّلام كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمامها، و جبريل عليه السّلام عن يمينها، و ميكائيل عليه السّلام عن يسارها، و سبعون ألف ملك من خلفها، يسبّحون اللّه و يقدّسونه حتّى طلع الفجر.

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: «تزوّجت فاطمة عليها السّلام و ما لي و لها فراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل، و نعلف عليه الناضح بالنهار، و ما لي و لها خادم غيرها».

جهّزت عليها السّلام إلى عليّ عليه السّلام و ما كان حشو فرشهما و وسائدهما إلّا ليفا.

في أيّام عرسها جئن نسوة المدينة إليها و قلن: يا بنت رسول اللّه خطبك فلان و فلان فردّهم أبوك، و زوّجك عائلا، ثمّ دخل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عليها فقالت عليها السّلام: «زوّجتني عائلا» فهزّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بيده معصمها و قال صلّى اللّه عليه و آله: «يا فاطمة عليها السّلام! إنّه أخي في الدنيا و الآخرة» فضحكت و قالت: «رضيت يا رسول اللّه».

و في رواية أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أجابها قائلا: «لم أزوّجك حتّى أمرني جبرئيل عليه السّلام».

و في رواية أخرى قال صلّى اللّه عليه و آله: «زوّجتك خيرهم».

و في رواية عكرمة بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أجابها قائلا: «أنكحتك أحبّ أهل بيتي».

كان مهرها أربعمائة و ثمانين درهما، و قيل: كان أربعمائة مثقال فضّة.

دخلت سيّدة نساء العالمين دار الزوجيّة التي لا تضمّ غير الخبز اليابس و الملح و الماء، حيث لا حرير و لا استبرق، و لا شي ء من مظاهر البذخ و الترف، بل يسودها التقى و الزهد و التهليل و التسبيح لربّ العزّة، فشاركت زوجها خشونة العيش و بساطة الحياة، فأنجبت له الحسن و الحسين عليهما السّلام و زينب و أمّ كلثوم و رقيّة التي ماتت صغيرة، و محسّنا الذى أسقطه الجناة بين الحائط و الباب عند ما هجموا على دارها.

و لمّا بلغت الثامنة عشرة من عمرها الشريف فقدت أباها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و بموته انتهز ولاة الأمور بعد أبيها إهانتها و ظلمها، فصبّوا عليها و على بعلها جام ظلمهم و تعسّفهم، فهجموا على دارها، و جاءوا بالحطب ليحرقوا الدار و من فيه، و كسروا ضلعها، و أسقطوا جنينها، و لطموا خدّها، ثمّ تجاسروا و دخلوا الدار، و ألقوا القبض على بعلها الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، و أخرجوه إلى مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بصورة مشينة، و ذلك لأخذ البيعة منه لأبي بكر بن أبي قحافة، و لم يكتفوا بما تقدّم، بل قرّروا غصب حقّها، و منعها إرثها من أبيها، و نسوا أو تناسوا وصايا النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيها و في بعلها و أولادها.

و مع كلّ تلك الظروف القاسية وقفت عليها السّلام أمام الظالمين لها متحدّية إيّاهم كالطود الشامخ، تردعهم و تذكّرهم بمقولات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في حقّها و حقّ زوجها، و من تلك التحدّيات خطبتها في مسجد أبيها بالمدينة المنوّرة أمام أبي بكر و عمر و جمع من المهاجرين و الأنصار، و ذلك بعد أن منعت فدكا، فمن جملة ما قالته في تلك الخطبة الغراء: «يا ابن أبي قحافة! أ ترث أباك و لا أرث أبي، لقد جئت شيئا فريّا، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم اللّه، و الزعيم محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و الموعد القيامة، و عند الساعة يخسر المبطلون، و لكلّ نبإ مستقرّ، و سوف تعلمون …» إلى آخر الخطبة.

و بعد أن انتهت من خطبتها رجعت إلى بيتها و هي تجرّ أذيال الخيبة ممّا سمعته من أبي بكر من الأقوال و الاستدلالات المغايرة لكتاب اللّه، و سنّة أبيها رسول اللّه.

و لم تزل بعد أبيها ناحلة الجسم، منهدّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة.

و لمّا حضرتها الوفاة أوصت الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام أن لا يصلّي عليها الأوّل و الثاني، فعمل بوصيّتها.

و قال عبد اللّه بن عبّاس: أوصت فاطمة عليها السّلام أن لا يعلم إذا ماتت أبا بكر و عمر، و لا يصلّيا عليها، فدفنها عليّ عليه السّلام ليلا، و لم يعلمهما بذلك.

و في أيّام مرضها الذي توفّيت فيه دخل عليها أبو بكر و عمر، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط، فسلّما عليها، فلم تردّ عليهما السّلام، ثمّ تكلّم أبو بكر، فقالت: «نشدتكما اللّه أ لم تسمعا رسول اللّه يقول: رضى فاطمة من رضاي، و سخط فاطمة من سخطي، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني، و من أرضى فاطمة فقد أرضاني، و من أسخط فاطمة فقد أسخطني؟» قالا: نعم، سمعناه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قالت عليها السّلام: «فإنّي أشهد اللّه و ملائكته أنّكما أسخطتماني و ما أرضيتماني، و لئن لقيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأشكونّكما إليه …» ثمّ استطردت حتّى قالت عليها السّلام: «و اللّه، لأدعونّ اللّه عليك- يا أبا بكر- في كلّ صلاة أصلّيها».

و لم تزل الزهراء عليها السّلام مريضة، تكابد الآلام الجسميّة و الروحيّة حتّى توفّيت بالمدينة المنوّرة بعد وفاة أبيها بخمسة و تسعين يوما، و قيل: بعد أربعة أشهر، و قيل: بعد خمسة و سبعين يوما، و قيل: بعد ثلاثة أشهر، و قيل: بعد ثمانية أشهر، و قيل: بعد ستّة أشهر، و قيل: بعد مائة يوم، و قيل: بعد تسعين يوما، و قيل: بعد أربعين يوما، و قيل: كانت وفاتها في اليوم الثالث من جمادي الآخرة سنة 11 ه، و قيل غير ذلك.

تولّى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام تغسيلها و تكفينها، و صلّى عليها هو و الحسن و الحسين عليهم السّلام و عمّار و سلمان و المقداد و عقيل و الزبير و بريدة و نفر آخر من بني هاشم، و ذلك في جوف الليل.

دفنها الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام سرّا في البقيع، و قيل: في إحدى دور المدينة المنوّرة، و قيل: في الروضة عند أبيها صلّى اللّه عليه و آله، و قيل: دفنت في زاوية في دار عقيل بن أبي طالب عليه السّلام، فكانت عليها السّلام أوّل أهل بيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لحوقا به.

روت أحاديث معتبرة عن أبيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و روى عنها جماعة من الصحابة…

القرآن المجيد و فاطمة الزهراء عليها السّلام :

نزلت فيها الآية 38 من سورة الروم: «فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ …».

و قد شملتها الآيات التالية:

«فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ» (آل عمران:61)

«وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى …».(الأنفال:41)

«أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ».(ابراهیم:24)

«وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ ….» * «أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ….» (الإسراء:26 و 57)

«وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها ….» (طه:132)

«إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ. (المؤمنون:111)

«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ. (النور:36)

«وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ….(الفرقان:74)

«إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.(الأحزاب:33)

« قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ….(الشوری:23)

«مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ.(الرحمن:19)

«إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً…. * «إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً» (الإنسان:5 -22)

«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ». (عبس:38 و 39).[1]

المنبع:

أعلام القرآن، ص 770 الی 776

[1]– أعلام القرآن، ص 770 الی 776