مركز الدراسات الفاطمية
مركز الدراسات الفاطمية
فاطمة الزهراء عليها السلام العلة الغائية
+ = -

فاطمة الزهراء عليها السلام العلة الغائية

( يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا عليّ لما خلقتك ؛ ولولا فاطمة لما خلقتكما ) (1) .

هذا الحديث من الأحاديث المأثورة التي رواها جابر بن عبدالله الانصاري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الله تبارك وتعالى ومن المعلوم أن كلام الله تعالى جاء على قسمين أحدهما ماورد في القرآن الكريم والأخر ما جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من دون ان يكون له وجود في القرآن الكريم وهو ما يعبر عنه بالاحاديث القدسية التي خاطب بها الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولقد جمعت كثير من الكتب هذه الاحاديث القدسية مثل كتاب كلمة الله وكتاب الاحاديث القدسية عند الفريقين وغيرهما من الكتب والذي يهمنا في المقام هذا الحديث القدسي الذي جاء ليثبت للصديقة فاطمة عليها السلام كرامة أخرى ، ومنقبة عظمى وذلك من خلال التمعن في مدلولات هذا الحديث المبارك .
يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك

 والخطاب هنا من الباري عزوجل لرسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن المعلوم لدينا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له عدة اسماء وردت على لسان القرآن الكريم مثل « مسجد » صلى الله عليه وآله وسلم ( ما كان محمداً أبا أحدٍ من رجالكم ) ومثل أحمد ( ومبشراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد ) ، وكذلك ياسين ، وغيرها من الأسماء التي جاءت بتعابير مختلفة ،
____________
 (1) الجنة العاصمة : 148 ، مستدرك سفينة البحار : 3 | 334 عن مجمع النورين : 14 ، عن العوالم : 44 .


( 232 )
وفيما نحن فيه جاء الخطاب للرسول باسم أحمد ، حيث توجه إليه الخطاب الالهي ليقول له لولاك يا رسول الله لما خلقت الموجودات التي هي متيسرة في الافلاك ، والافلاك هنا معناها كل الموجودت التي تدور حياتها ووجودها في الكون سواء نعلم بوجودها أم لا نعلم ، فعلة خلق الموجودات هو لأجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام وهذا ما أكدته كثير من الاحاديث المأثورة في هذا المقام منها عن النبي « لما خلق الله آدم أبو البشر نفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش فأذا في النور خمسة أشباح سجداً وركعاً .

 قال آدم : يا رب ! هل خلقت أحداً من طين قبلي ؟ قال : لا ، يا آدم ؛

 قال : من هؤلاء الخمسة الاشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتي ؟

 قال : هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك ، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من اسمائي لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ، ولا العرش ولا الكرسي ، ولا السماء ولا الأرض ، ولا الملائكة ولا الأنس ولا الجن ، فان المحمود وهذا محمد ، وأنا العالي وهذا علي وانا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الاحسان وهذا الحسن ، وانا الحسن وهذا الحسين آليت بعزتي أنه لا يأتيني أحد بمثقال ذرة من خردل من بغض أحدهم الا أدخلته ناري ولا أبالي يا آدم ، هؤلاء صفوتي من خلقي بهم أنجيهم ، وبهم أهلكهم فاذا كان لك الي حاجة فبهؤلاء توسل فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحن سفينة النجاة . من تعلق بها نجا ، ومن حاد عنها هلك ، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت (1) .

 أقول : يظهر من هذا الحديث عدة أمور مهمة تتطابق في مدلولاتها مع الحديث القدسي الذي نحن بشأن توضيحه ، فأنوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام مخلوقة قبل وجود آدم ، وأكد الحديث على أن علة خلق آدم هو من أجل هذه الانوار ـ حيث قال الله تعالى لادم : لولاهم ما خلقتك بل تجاوز الأمر إلى أن كل الموجودات هي مخلوقة بسببهم فالعرش والجنة والنار والكرسي والسماء والأرض والملائكة والإنس والجن كلهم لن يوجدوا لولا وجود انوار أهل البيت بما فيهم جدهم رسول
____________
(1) فرائد السبطين : 1 | 36 ح 1 ، عنه غاية المرام : 5 ح 1 ، ح 15 ح 1 أرجح الطالب : 461 .