أبعاد التوافق في شخصية السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
المدرس /ايمان نعيم العفراوي
ملخص البحث
_______________ من صفات الشخصية المتوافقة ، انها تتصف بالتكامل ،والرضا عن الذات ،والتسامح وقبول الاخر ،والكفاءة في التفاعل مع الاخرين ،والقدره على التكيف: النفسي ؛الروحي ؛الاجتماعي ؛الانسجام والتواؤم الاسري .وبالفعل ،ان هذا تجسد في شخصية السيده فاطمة الزهراء( عليها السلام) ، فهي ربيبة الرسالة المحمدية ، واللسان الناطق باسمها ، والنموذج القيادي الاسمى ،والامثل لنساء العالمين في عصرنا هذا وفي كل العصور التالية . فاذا كانت الحضاره الغربية خالية من القدوه العملية ،فان الاسلام يحتوي على الكثير من القدوات ، ولا يمكن توجيه اللوم الى المراة الغربية،اذا ضلت الطريق لعدم وجود قدوه عمليه لها ، لكن المراة المسلمة اذا انحرفت عن الطريق يحق عليها اللوم والتوبيخ ،لان القدوات التي يقرها دينها موجوده ،ويمكن الاحتذاء بها ، ولعل افضل رمز وقدوه يمكن ان نقدمه للمراة اليوم هي فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، لكونها المعيار الصحيح للتكامل الاخلاقي والتوافق النفسي والروحي والاسري والاجتماعي.
مقدمة :
يعد مفهوم التوافق من المفاهيم التي تجد اهتماماً من علماء النفس والاجتماع ،وكثيرا ما يطلق عليه العديد من الكلمات مثل (التكيف ،التوازن ،التماسك) وذلك للدلالة على مفهوم التوافق،أي انه الاسلوب الذي يصبح الانسان بواسطته اكثر شعوراً بالتوافق مع نفسه،وأكثر كفاءة في علاقته مع المحيطين به.
ومن صفات الانسان المتوافق انه يتصف بشخصية متكاملة قادرة على التنسيق بين حاجاته وسلوكه الهادف وتفاعله مع بيئته،ويتحمل عناء الحاضر من اجل المستقبل،متصفا بتناسق سلوكه وعدم تناقضه،غيرمتصرف في انفعالاته،ومساهم في مجتمعه،وهو بهذا يعد معيار , به تقاس الصفات المادية والمعنوية.
ومن هذا المنطلق فإن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) -معيار تقاس به صفات النساء والفتيات،فعلو همتها،وسموفكرها،ونبل سجاياها واسلوبها في التوافق الاسري والاجتماعي،وفي توافقها النفسي،وفي جميع ابعاد حياتها المادية والمعنوية،كل ذلك يعد بمثابة القدوة والمعيارالذي يقاس به التوافق الانساني في الشخصية الرسالية لسيدة نساء العالمين (عليها السلام).
فكل صفات فاطمة(عليها السلام)تظهرها في صورة المرأة الاسمى والاكمل وتعطيها من المزايا ما يجعلها تفوق الاخريات رجحانا ووزناً, ومما لاشك فيه ان الاسلام أقر للقدوة مكانة ومنهجاً وهدفاً،فهو يرى منهاج التحرك والعمل والمسير صوب الغاية لابد ان يستند الى قدوة ونموذج ,وهذا ما يوجب ان تكون القدوة دافعاً للشوق والرغبة والانشداد،وحافزاً دينيا وعاطفياً جذاباً لتشدنا اليها،وتستقطبنا وتوجهنا وتضيء لنا ارضية التشبه بها واقتفاء اثرها, وكانت السيدة الزهراء (عليها السلام) مؤهلة لتكون نموذجا لكثير من القدوات.
فقد أكد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)على شخصية الزهراء حين قال”إن الله ليغضب لغضب الزهراء ويرضى لرضى الزهراء “؛ “الزهراء سيدة نساء العالمين”؛ “فاطمة بضعة مني يرضيني ما ارضاها ويغضبني ما اغضبها”.
والسبب في ذلك اراد (صلى الله عليه وآله وسلم):أن يجلي وبوضوح هذا الدور في حياة المسلمين والانسانية بصورة عامة.
فهي ربيبة الرسالة المحمدية ،واللسان الناطق بأسمها والنموذج القيادي الاسمى والامثل لنساء العالمين في عصرنا هذا وفي كل العصور التالية.
ومن المؤكد ان هكذا شخصية رسالية ،ملتزمة بقيم ومثل عليا ومتعددة الادوار والابعاد ،بالامكان اعتمادها النموذج الذي يجب ان يجعله الانسان والمجتمع نصب العين،وان كان من خيرات الرسالات الإلهية انها تصوغ اشخاصاً مثاليين يكونون رمزاً للتعامل والقيم الانسانية،فإن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) مفخرة الوجود ومعجزة التاريخ هي ذلك النموذج السوي ،والعنصر المتألق الذي هو أساس التوافق بأبعاده كافة ،وشاهدا على مدى صلاحية تعاليم السماء للتطبيق العملي بكل تفاصيلها.
وطبيعيا،ان مختلف ابعاد التوافق تجسدت في شخصية الزهراء (عليها السلام) فلم تكن الزهراء (عليها السلام) إمرأة عادية, بل كانت إمرأة روحانية, نسخة انسانية متكاملة ،انطلقت في حركتها من مرتبة الطبيعة وطورت مسيرتها التكاملية بالقدرة الآلهية وبتربية رسول الله لتصل الى مرتبة جسدت الهوية الانسانية كاملة.
وهي عليها السلام اعطت المقياس والحد الفاصل بين الفكرة والتطبيق وأنقذت الاسلام من خطر التشويه والزوال بسبب تصرفات الحكومات المنحرفة .
ان الاقتداء بهذه الشخصية العظيمة من قبل المرأة المسلمة في عصرنا الراهن يؤدي الى سيادة السلام في ربوع المعمورة،بعدما تعي المرأة في العصر الحاضر المزدحم بعوامل الفتنة والانحراف دور تلك السيدة الا نموذج في شتى مناحي الحياة وفي الابعاد الاجتماعية والسياسية والثقافية والاسرية.
والمرأة اليوم :ان لم تتدارك الامر ولم تقتدِ بهذه النماذج النيرة ،فأنها مهددة في دنياها قبل آخرتها ،لاسيما في ظل سيطرة التفكير المادي واضطراب القيم الانسانية ،لكوننا نعيش في عصر ومجتمع عجيب ,عصر لايشبه سائر العصور فالقيم والضوابط فيه عرضه لرياح الشك والتردد في اغلب الحالات،عصر يلفه الجهل وتسوده العبثية,والمسالك فيه متعددة ومضلة ، ومصابيح الهدى قليلة،وهذا ما يوقع الانسان في الريب ويحول بينه وبين اختيار السبيل القويم من بين سائر السبل.لاسيما اننا اليوم نعيش صراعاً حضارياً مع الدول الاستكبارية التي تحاول اذلال الشعوب المستضعفة وتكريس حالة التبعية الفكرية فيها.
ومن المعلوم, ان حضارة الغرب هي الحاكمة اليوم ،فإن خطر النموذج الغربي بات اليوم اكثر من أي وقت مضى في ظل العولمة وأدواتها فمن الامور التي يقوم بها الغرب اليوم صناعة الرموزفي مختلف مجالات الحياة،فقد صنع رموزاً للمرأة في عالمنا المعاصر،فجعلوا منها رئيسة للوزراء،ونائبة في البرلمان،و ملكة جمال في العالم , وهذه الامور مغرية للمرأة بلا شك, فإذا كانت الحضارة الغربية خالية من القدوة العملية،فإن الاسلام المحمدي الاصيل –المتمثل بالمذهب الشيعي يحتوي على الكثير من القدوات،ففي ظل المذاهب الغربية ,اذا ضلت المرأة البائسة لايمكن توجيه اللوم اليها،وذلك لعدم وجود قدوة عملية لها،لكن المرأة المسلمة والشيعية اذا انحرفت عن الطريق وضلت السبيل القويم يحق عليها اللوم والتوبيخ،لأن القدوات التي يقرها دينها موجودة في الواقع الخارجي وقولها وعملها يمكن الاحتذاء به.
فما من شك ان الغرب دخل بيوتنا شئنا ام ابينا عبر شاشات التلفاز والقنوات الفضائية وشبكات الانترنت … ولكن نعتقد انه فشل في تحقيق هدفه،لانه – وأن دفع المرأة نحو القمة من الناحية المادية – لكنه جعلها تخسركرامتهاوسمعتها, فعلينا أن ندرك ان الثمن الذي دفعته المرأة كان باهضاً هو تحطم شخصيتها.
لاشك ان طائفة من نساء اليوم تقتدي بالنماذج الغربية في كل شؤون حياتها ،فالافكار والسيرة والكماليات مستمدة من نماذج النساء الغربيات.والمؤسف ان في مجتمعاتنا الاسلامية عموما ومجتمعنا العربي خصوصاً وكنتيجة طبيعية لافرازات المرحلة الراهنة من ثورات الربيع العربي برزت مظاهر الثقافة الغربية بشكل واضح على سطح الاحداث اليومية وخاصة بين شريحة النساء،ولما كانت المرأة مخلوقاًضعيفاً والحياة مليئة بالصعاب فهي تشعر بهذا الضعف والانجذاب نحو تقليد النماذج الغربية المنحرفة،الامر الذي جعلها تعيش ازمات نفسية حادة ،وإضطراباً روحياً شديداً،ومن ثم الابتلاء ببعض الامراض النفسية كسوء التوافق النفسي والاجتماعي والعجز عن بناء الحياة الاسرية السليمة.
وأنطلاقاً مما تقدم:تثار في الذهن بعض التساؤلات : اذا كان الغرب قد صنع رموزاً جذابة للمرأة في عالمنا المعاصر فهل هو الرمز المرتجى؟وأذا كانت هذه الرموز تترك آثاراً سلبية على سلوكيات وهوية المرأة المسلمة الشيعية ،فماذا أعددنا لتحصين نساؤنا دون السقوط في حبائل النموذج الغربي؟وأذا كانت الحضارة الغربية تقول للمرأة:لكِ كيانكِ وشخصيتك المناظرة للرجل،فهل هذا يعني: تتمرد عليه؟ وليس له قيمومة عليها؟وأن كان هذا يعني تنصيب قائدين في موقع واحد وتأجيج الخلاف بينهما،فهل سيبقى هذا الكيان قائماً ام سيتحطم؟
لاشك أن المرأة الغربية لوضلت سواء السبيل وانحرفت عن جادة الصواب،فعذرها مسموع وحجتها مقبولة الى حد ما،ولكن ما عذر المرأة المسلمة الشيعية إذا ضلت او انحرفت ،الم يجعل الله للنساء من الامة أسوة من جنسهن؟
إننا نعتقد أن أفضل رمز ونموذج يمكن أن نقدمه للمرأة في العالم كله،هي فاطمة الزهراء (عليها السلام)فقد كانت قمة في تكاملها الانساني وتوافقها الاسري والاجتماعي والاخلاقي فأمست مفخرة بيت النبوة وتسطع كالشمس على جبين الاسلام العزيز.
ومن هذا المنطلق لابد من تسليط الضوء على بعض جوانب شخصية الزهراء (عليها السلام) لكونها تنطوي على تعاليم تربوية وعوامل لإصلاحات اجتماعية ،في عصر تحللت فيه القيم وضاعت المعتقدات .
أهداف البحث :
يهدف البحث الى التعرف على ابعاد شخصية الزهراء(عليها السلام)في ضوء الاتي:
من هي فاطمة(عليها السلام) ؟
تتحدد دلالة فاطمة(عليها السلام)في ما يأتي :
أولاً: فاطمة في اللغة :
ثانياً: من حيث الحسب والنسب.
اسمها فاطمة ،وأبوها محمد(صلى الله عليه واله وسلم )سيد البشر،وأمها خديجة(عليها السلام)وهي رابع بناتها،وأصغرهن لقبها الزهراء،وأم الائمة،وتعرف بأم ابيها،والزهرة الزهراء،وسيدة نساء العالمين.(القائمي،1996،ص35).
ثالثاً: الرؤية القرآنية:
رابعاً: الروايات:
وعليه فأن التعريف بها يعد أمراً عسيراً للغاية وصعباً جداً،فماذا عساني أقول بحق شخصية لم يتيسر لأحد معرفتها على حقيقتها سوى الله ،ولم يدرك مداها الا محمد(عليه الصلاة والسلام)وعلي (عليه السلام) ,لكن ما من شك في ان اسمها يتضمن من التفاؤل لمن تسمى به أن تكبر وتتزوج وتنجب وتفطم أولادها, ومن كنيتها (عليها السلام)أم الحسن،وأم الحسين(عليهما السلام).
لأجل الوصول الى المعرفة الحقة في خضم الامواج المتلاطمة من المظاهر الثقافية والاجتماعية المثارة حديثاً, وبعيداً عن السقوط في شباك الرؤى والأفكار التي أفرزتها الحضارة المادية ،لابد من أتباع منهجية علمية تحقق أهداف البحث الحالي،لذا تم إتباع المنهج التحليلي الوصفي،اعتماداًعلى النصوص الشرعية والروايات الشريفة،ومن هنا،فأن ضرورة البحث بشأن فاطمة (عليها السلام)تكمن في عدة محاور وكالأتي:
المحور الاول: التوافق النفسي والروحي
——————————
ان التكامل النفسي والروحي للسيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)وتفاعلها الفكري مع العقيدة الاسلامية،كان له آثار في النفس عميقة،وله نتائجه العملية في الحياة العامة, فقد كانت السيدة الزهراء (عليها السلام)تجد في العقيدة إطمئناناً على الرغم من عواصف الاحداث من حولها،فهي تدفع القلق والتوتر،وتخلق لها أجواء نفسية مفعمة بالطمأنينة والأمل.
والتوافق النفسي للزهراء(عليها السلام)جعلها تمتلك الكفاءة في مواجهة المواقف المتأزمة إنفعالياً،والقدرة على الأستجابة للمواقف المختلفة والتحرر من الخوف،والتحكم في النفس ،والموازنة بين الخوف والرجاء،فضلاًعن معرفة النفس.فهي مقياس للشخصية السوية الهادفة المتزنة الصحيحة نفسياً،تمتلك رؤية غنية وكاملة ونظرة للأمورصائبة ،كونها نشأت تحت رعاية النبي (صلى الله عليه وااله وسلم)وجميع الظروف مهيأة أمامها للنضج والتكامل النفسي والسمو الروحي.
وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي كانت تعيشها الزهراء،الا أنها كانت تتمتع بمعنوية عالية،وتعيش أجواء نفسية سعيدة،حيث تأمل العيش في جنة عرضها السماوات والأرض,وبفضل عقيدتها الايمانية بالله ،كانت تشعر بالرضا عن الحياة والأطمئنان بما يقع في محيطها من أحداث،وتوطن نفسها على قضاء الله وقدره.
فقد كانت(عليها السلام) تعيش أجواء السعادة الذاتية في كل لحظة أو موقف يرتضيه الله ويسير في نفس المسار الذي يتطلبه الهدف السامي ،وأن يكون فيه رضا الله وإمتثال للسنة وتنفيذ لحكم الله وتطبيق لأوامره.
ونحن ندرك: إن الانسان العادي بطبعه يمتلكه اليأس والقنوط عند المصائب،كما أشار القرآن الكريم صراحة لذلك بقوله:(…وإن مسه الشر فيئوس قنوط)(فصلت 41/49) ولكن السيدة الزهراء (عليها السلام)لإيمانها وتسلحها بالعقيدة،وقورة عند الشدائد،صبورة عند النوازل،لا يتسرب الشك الى نفسها…قال تعالى:(لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون)(يوسف12/87).
وطبيعياً أن أحاديث أهل البيت (عليهم السلام)تركز على عدم اليأس من روح الله ،فالسيدة الزهراء،تؤكد في تعاليمها التربوية والاسرية العالية على اليأس عما في أيدي الناس لكي يكون الانسان متكلاً على ربه ،ولا يكون كلاًعلى غيره،مصداقاًلقول زوجها علي (عليه السلام):(الغنى الاكبر اليأس عما في أيدي الناس)(الصالح،ص534).
لا شك أن فاطمة الزهراء (عليها السلام)تؤكد أن أساليب العقيدة الايمانية لها دور في مواجهة المصائب والازمات والضغوط النفسية من حيث انها تخفف من نفوس معتنقيها من الآلام والجراح النفسية التي يتعرضون لها فيكونون في مواجهة المصائب العظمى.
كما انها (عليها السلام)تحذر من الاعراض والسخط على قضاء الله وقدره،وتؤكد على الرضا بقضاء الله لأنه إحدى أركان الايمان أي التقرب الى الله ،تأكيداً لقول أبيها(صلى الله عليه واله وسلم):(إذا أحب الله عبداً إبتلاه،فان صبر إجتباه،وإن رضى إصطفاه)(الهاشمي،2003،ص474).
ومع ان المصائب تستتبع أجراًوثواباً،الامر الذي يخفف من وقع المصائب على الفرد،والسيدة الزهراء(عليها السلام)جسدت ذلك حيث واجهت تلك المصائب بقلب صامد ونفس مطمئنة الى ثواب الله ورحمته،منطلقة من قول أبيها(صلى الله عليه وااله وسلم):(المصائب مفاتيح الأجر)(المجلسي،1983،ص82/122).
كذلك فأن السيدة الزهراء (عليها السلام)أرادت من ذلك ان تلفت نظر الانسان المسلم الى المصيبة العظمى،وهي مصيبته في دينه مما يهون ويصغر في نفسه المصائب الدنيوية الصغيرة،وهي حالة بارعة للتعامل مع الضغوط النفسية وإمتصاصها تقوم بها العقيدة الايمانية التي تعتنقها الزهراء(عليها السلام)وهذا ما تجسد في تربيتها للامام الحسين (عليه السلام) عندما وقف موقفاً بطولياً عند مصيبته،حين قال:(الحمد لله الذي لم يجعل مصيبتي في ديني،والحمد لله الذي لو شاء أن يجعل مصيبتي أعظم مما كانت ،والحمد لله على الامر الذي شاء أن يكون فكان)(الكليني،1968).
وعليه: فان الزهراء كانت تدرك جيداً أن التوافق النفسي والروحي يصوغ نفوساً قوية مطمئنة ،وما من شك في أن هكذا تربية ايمانية خالصة تسهم في البناء الذاتي والتوجيه نحو البناء والتغيير والاصلاح في شتى المجالات , وبالمقابل, ان الوقائع الحياتية تشير الى ان المرأة اليوم تعاني من حالة الضعف الروحي والانزلاق في مهاوي المادية ومغرياتها،وهو أبرز معطيات الحضارة المادية التي وضعها الانسان على صعيد الحياة الفكرية والشخصية والاجتماعية بسبب التطور التكنولوجي والانفتاح الاعلامي المنحرف.
لذا: للنهوض بالمرأة اليوم من هذه الحالة،لابد من تذكيرها بمعطيات العقيدة الاسلامية وتقديم القدوة والأسوة الصالحة لها،ومتى ما حكمت المرأة وعيها سترى أن –فاطمة الزهراء(عليها السلام)-هي قدوتها المفترضة.
وعلى المرأة أن تدرك جيداً،ان الحضارة المادية قد حققت النجاحات في بعض الميادين،لكنها أثبتت فشلها الذريع في تلبية حاجات المرأة لحياة كريمة حرة،فأوجدت الشخصية اللامنتمية التي تنصب إهتماماتها جميعاً على الذات ومصالحها وملذاتها،فأمست تعاني من الفراغ العقلي وسوء التوافق النفسي وفقدان الهدفية في الحياة ،الامر الذي يسهم في تكوين شخصيات منحرفة.
ومن هذا المنطلق: ،نجد إن سمة التوافق النفسي والروحي شكلت مرتكزاً متيناً في حياة الزهراء(عليه السلام) الشخصية والأسرية والاجتماعية , فبالرغم من معاناتها وكثرة الآلام التي قاستها في حياتها،والعوائق التي وضعت في طريقها لمنعها من الوصول الى تحقيق أهدافها النبيلة التي كانت تتوخاها في حياتها،كانت تشعر بالرضا عن الذات وعن الحياة،وهذا ما وصل بها الى الدرجات العالية من التكامل،وصعد بها نحو قمة التسامي الى ما لانهاية .
كما ان صلابة قلبها وارتباطها بالله وتقواها من السمات البارزة في سلوكها التوافقي،على العكس من بعض النساء اليوم ،حين يوجد عائق يمنع وصولها للهدف،فقد تتبع عدة أساليب من السلوك بغية الوصول الى التوافق مع الذات،وقد تتنازل عن مبادئها ،وحينئذ تستسلم للهموم والانفعالات والتقليل من قيمة ذاتها وأحتقارها ،الامر الذي يؤدي بها الى العزلة والانسحاب وأهم أشكاله الخوف وسوء التوافق(الجماعي،2000،ص87).
ولاشك ان الخوف وسوء التوافق النفسي يبدد نشاط الفرد ويشل طاقاته الفكرية والجسمية،الا ان الارتباط بالله يخفف من وطأة الاحساس بتلك المخاوف.
ومن المؤكد ان في النفس خطان متقابلان هما الخوف والرجاء،والارتباط بالله والتسليم له يبدد عن النفس كل خوف باطل وكل رجاء منحرف،والسلوك التوافقي في شخصية الزهراء(عليه السلام) لم يأتِ من خلال النظرة الاحادية الجانب،فليست نظرتها (عليها السلام)أحادية الجانب كأن تركز على جانب الخوف فتيأس من رحمة الله ،او تركز-بالمقابل-على الرجاء فتضعف في نفسها الخشية من الله .
فهي( عليها السلام) بدلاً من ذلك كانت تنمي الخوف من الله من جانب وترجو ثوابه من جانب آخر لتكون مصداقاً للآية الشريفة:(…يحذرُ الآخرة ويرجو رحمة ربه…)(الزمر39/9).
لاشك ان الانسان لا يمكن ان يصل في الجانب النفسي والروحي الى المدارج العالية من الكمال،مالم يكن في حالة بين الرجاء والخوف،فموازنة الحالة النفسية للوصول الى التكامل ،انما هي حالة الحركة والموازنة بين الرجاء والخوف (الحكيم،2005،ص37).
وهكذا أستطاعت الزهراء (عليها السلام)أن تضمن السعادة الذاتية والرضا عن النفس،حيث لا صراع داخلي يتملكها ،بل حافظت على توازنها النفسي والروحي ،بصورة واعية مرنة،اذ تشير أدبيات علم النفس،ان موازنة الحالة النفسية يعد عملية توافق واعية مرنة،وأن تطلب ذلك طاقة واعية ، من ذات مدركة واعية (زهران،1978،ص29)،الامر الذي كان نتيجته سمة التوافق النفسي والروحي البارزة في شخصيتها (عليها السلام)على العكس من بعض نساءنا اليوم التي تعيش الاضطرابات النفسية بسبب مسايرتها لشهواتها وملذاتها الجسدية،الذي ساهم في شعورها بسوء التوافق وفقدان الصحة النفسية،كونها لم تع حركتها الانسانية أو تأخذ من شهوات هذه الدنيا وزينتها ما تشاء في الحدود الشرعية،فعلى المرأة اليوم: ان توازن بين أشباع حاجاتها ورغباتها بما يحفظ لها حيويتها وقدرتها على الحركة والحد من السقوط في مستنقع الشهوات والرغبات ،وذلك بأختيار النموذج القدوة،ولاشك في ان المرأة المسلمة التي تعتنق الفكر والعقيدة الاسلامية عليها ان تختار قدوات النساء المسلمات وفي مقدمتهن الزهراء البتول ( عليها السلام).
____________________
لاشك في ان التوافق الأسري وسيله فعاله لبناء أسره متوازنة ومنسجمة فيما بينها وبقدر مايكون مناخ العلاقات في الاسره سوياً يكون الاتصال سوياً وتكون الاسره من عوامل سواء ابناءها ،والعكس صحيح .
وللاسره اهمية بالغة في حياة الانسان فهي المصنع الذي ينتج افراد المجتمع ،ومنها ينطلق الانسان الى العالم الخارجي،اذ تعد الاسره المرتبة الاجتماعية الوحيده التي خبرتها المجتمعات منذ نشات( آدم وزوجته وذريته ) وحتى وقتنا المعاصر (البستاني،1994،ص188).
ومن المؤكد ان الشريعه الاسلاميه اولت الاسره عنايه فائقه لادراكها اهميه الدور التي تؤديه هذه المؤسسه الصغيره على الساحه الاجتماعيه، فهي تنظر لها على انها محطة استقرار لعالم متحرك، واذا كانت العائله في الاسلام هي محطه لشحن الطاقات العمليه فانها مركز لاشباع الحاجات العاطفيه كالحب والحنان والعطف والرحمه (مؤسسه الارشاد والتوجيه الديني ،2007 ،ص61-62 )، كما انها مهد تربية الاطفال ،وان الشرط الاول للتربيه الصحيحه ، هو الجو المناسب والعوامل المساعده ، وان تعاضد الفضيلة الاخلاقية والايمان للاب مع الحب والحنان للام يؤدي الى ايجاد جو اسري سعيد يجعل اعضاء الاسره يحتفظون بحيويتهم ، واداء واجبهم برغبه نفسيه ووازع ذاتي(فلسفي ، 1969 ، ص446-47 ).
ولعل افضل وابرز قدوه في ذلك الاسره النموذجيه التي تاسست بين النور والنور هي اسره الامام علي ( عليه السلام ) وزوجته فاطمة الزهراء واولادها (عليهما السلام ), اذ كانت الصديقه الزهراء عليها السلام في هذه الاسرة الزوجه والام المثاليه في ادارة الحياة الاسريه داخل البيت وخارجه ، فالله تعالى كما اراد ان يجعل للامه قاده في الذكور شاء ان يخلق لها قدوه في الاناث ، فجعلها للنساء اسوه تشاركهن في المسؤوليات العامه والخاصه، فكانت مثالاً لكل الفضائل والقيم رغم الظروف العصيبه التي عاشتها في تلك الفتره .
ان الزهراء عليها السلام لم تعتمد على مكانتها عند الناس بقربها من النبي (صلى الله عليه وآله )او الوصي عليه السلام سبباً او مكانتها عند الله .
لقد لاحظت فداء امها خديجه عليها السلام للدين وتفانيها في سبيله فتأثرت بذلك وطبقت في نفسها معان حية، بقيت في ضميرها تبعث الحيوية والنشاط في سبيل الدين ،لذلك جسدت هذه السلوكيات في حياتها الاسريه والاجتماعيه ، فكانت مثالاً للانسجام والتواؤم والتوافق الاسري والاجتماعي .
فمن حيث انها زوجه ، كانت مثالاً للزوجه المحبه الوفيه ومصداقاً كاملاً للمفهوم (لتسكنو اليها )،كانت مليئه بالغبطه والسرور لانها كانت تتحمل جانباً من مسؤوليه ادارة البيت ، لتتيح بذلك لزوجها فرصه اكثر للاهتمام بمشاغله ومسؤولياته الاجتماعيه .
وقد جسدت حسن تبعلها للامام علي عليه السلام والمتضمن لمعنى المعاضدة والمسانده له ، وقد تحملت معه اعباء وهموم الرساله المحمديه والدفاع عن بيضة الاسلام وحياض الدين امام التيارات والفتن التي ثارت بعد كمون وتخفي، اثر رحيل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لاشك في ان افضل نموذج للبيت الصالح هو بيت الامام علي وفاطمه عليهما السلام ، فلبيتها عليها السلام مكانه رفيعه في القرآن والسنة، نزل قوله تعالى (في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه )آل عمران/ 42 ، على قلب سيد المرسلين وهو في المسجد الحرام ، فقام اليه ابو بكرقائلاًَ :أي بيوت هذه يارسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام بيوت الانبياء عليهم الصلاة والسلام،ثم قام رجل اخر واشارالى بيت علي وفاطمه ،أهذا البيت منها ؟ فقال الرسول( نعم) ، من افضلها !( السبحاني، 2003 ، ص18-19 ) .
لاشك في ان البيت مملكة المرأه ،فكانت الصديقه عليها السلام في بيتها تهيء كل ما من شأنه ان يجعل من مملكتها واحه خضراء جميله لراحة ابناءها وزوجها ، فكانت نعم الزوجه الصابره والام المربيه حتى سمت ببيتها الى العلى ليكون نموذجاً لكل المعاني التي يجب ان تقام عليها كل اسرة من محبه وتعاون وفضيله .
وروي ان زوجها عليه السلام كلما شعر بالضغوط النفسيه والاجتماعيه تتزايد عليه توجه نحو البيت آملاً في ان تهدا نفسه بمحادثة الزهراء (عليها السلام ) , وتشير الشواهد التاريخيه ، الى انه في احد الليالي جاءت فيها عليها السلام برفقه ابيها عليه الصلاة واالسلام وعلي عليه السلام الى دار علي عليه السلام لتصبح زوجته قال لها ابوها : عليك بما في الدار وعلى علي ما هو خارج الدار ، أي ان يتولى عليا تدبير الامور الاقتصاديه ، وعلى فاطمة ايجاد اجواء الهدوء والاستقرار النفسي والاسري.
ومن صور التوافق الاسري في بيت الزهراء عليها السلام روي انه الامام علي السلام عليه طلب طعاماً من الزهراء فقالت: منذ يومين لايوجد عندنا طعام ! فقال لها: ولم لم تخبريني ؟ قالت : اني لاستحي من الهي ان اكلفك مالا تقدر عليه( المجلسي، 1983، ص30 ).
وفي رواية اخرى: قال لها امير المؤمنين عليه السلام يوماً:يافاطمه هل عندك شيء ؟ قالت: والذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاث الا شيء آثرتك به !قال :أفلااخبرتني؟ قالت : كان رسول الله عليه الصلاة والسلام , نهاني ان اسالك شيئاً فقال لا تسألي ابن عمك شيئا ان جاءك بشيء عفوا ًوالا فلاتسأليه ( الشيرازي 2008 ، ص49 ) .
مما يعني ان الزهراء جعلت بيتها واحه وسكنناً لا اضطراب فيه ولا توتر –ذلك التوتر الذي اصبح معلماً من معالم الاسرالحديثه –في ظل عولمة ثقافية واجتماعية معاصره ، ذلك التوتر الذي – وان كان بعضه غير معنوي لكنه ينتهي الى جذور معنويه ، بمعنى ان التوترات والاضطرابات المعنويه اليوم اصبحت اكبر مشكله في الاسر المعاصره ( مطهري ،2004 ص140 ).
ونحن ندرك ان العلاقه الزوجيه لاتقتصر على الجوانب الماديه والجسمية ،انما الاساس فيها هو الجانب الروحي والمعنوي ، والحب والعطف والمشاعر والرابط القوي بين الطرفين هو (القلب) (مطهري ، 2005، ص423 ).
وطبيعياً، ان التوفق الزواجي والأسري وسيله فعاله لبناء اسره صحيحة متوازنة ، بعيده عن التوترات والصراعات ، فالحياة الاسريه التي كان يعيش فيها علي وفاطمه عليهما السلام لم يكن ليعكرها الفقروالفاقة او تؤثر فيها الحوادث التي نزلت على هذا البيت ،بل كانت حياة ملؤها الحب و التفاهم التام بين الزوجين .
ان الزهراء عليها السلام لم تبعثر شمل الاسره بسبب رغبه في امتلاك الزينه والمجوهرات ولم تعكر على زوجها صفو الحياة تعلقاً ببهارج الدنيا وزخرفتها ،ولم تخالفه منذ ان عاشرته ،وذلك ما روي عنها ، عندما قالت في وصيتها للامام علي عليه السلام ( ياابن عم ماعهدتني كاذبه ولاخائنه ،ولا خالفتك منذ عاشرتني ) ( الشيرازي ،2008 ، ص38 ) فقال عليه السلام لها: ( معاذ الله انت اعلم بالله ، وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفاً من الله من ان اوبخك بمخالفتي )(الاميني،2003،ص64)( الشيرازي ، 2008، ص35).
كما روي ان الامام علي عليه السلام كان يقول : (فا لله مااغضبتها ولا اكرهتها على امر حتى قبضها الله عز وجل ولاأغضبتني ولا عصت لي امر ( المجلسي ،1983 ، ص134 ) . مما يعني ان عليا لايغضب فاطمة ولا فاطمة تغضب علياً ،وهذا مصداق للعلاقات المتجانسه والتوافق الزواجي ، لذلك نجد ان علاقة فاطمة بزوجها علي عليه السلام هي اساس الجو العاطفي الذي نشأ فيه ابنائهم ووجدو فيه توافقاتهم الاولى مع الحياة ، ففي بيتها المتواضع ، ربت ، اشخاصا ًيتسع نورهم من بسيطة التراب الى الجانب الاخر من عالم الافلاك ومن عالم الملك الى الملكوت الاعلى ، هذا البيت الذي اصبح مركز اشعاع نور العظمه الآلهيه .
لقد أنشات (عليها السلام) بطريقتها التربوية الأسس الفكرية لمدرسة مثاليه تخرج منها الحسنان وزينب عليهما السلام وقد حرصت كل الحرص على اصطحاب اولادها الى محراب عبادتها في آناء الليل وأطراف النهار وتعلمهم بذلك انواع التبتل والتهجد.
حيث يروي عن الامام الحسن (عليه السلام ) انه قال: ( رأيت أمي فاطمة ليلة ألجمعة وقد وقفت للعبادة.. ومازالت بين راكعة وساجدة وقائمه وقاعدة ،حتى أسفر الصبح . وهي تدعو للمؤمنين والمؤمنات ، تسميهم باسمائهم .. قال الإمام عليه السلام : يا أماه ، لماذا لم تدعي لنفسك ، وانما دعوت لسائر المؤمنين ؟ قالت: يابني الجار ثم الجار )( المدرسي ،2004، ص81 )
وتشير روايات التاريخ الفاطمي ، ان الزهراء كانت تعلم أبناءها خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم )، وتطلب اليهما اعادة ما سمعاه من خطب على مسامعها ،كما كانت تنمي قابليات ابنتها زينب عليها السلام لتتحدى الطغيان والفساد الذي سيصيب الامه الظالمه في عهد الامالم الحسين عليه السلام وهذا ان دل على شيء ، فانما يدل على ان الزهراء كانت على درجه رفيعه للغايه في امتلاكها لثقافة الامومه ،التي من اول معطياتها النظر باحترام بالغ الى الابناء ومن ثم التفاعل مع كل فرد منهم على انه انسان مكتمل مؤهل لتلقي التربية والتعليم ، وليس الانتظار به حتى يكمل السادسه من عمره حتى يتعلم او يربى كما هو حادث في وقتنا المعاصر .
ومن المعلوم ان الأبناء يفعلون ما يفعله الآباء لاسيما ان الأم هي النموذج في فترة طفولة الصبي ،وفي ظلها يتحرك ويتعرف على ما يحيط به ويميز الاشياء الحسنه والسيئة ويتلقى منها دروس الحياة ( الصائغ ،2007 ، ص111 ) ان االسبده فاطمة عليها السلام في بيتها المتواضع ، ربت ( الحسن والحسين وزينب وام كلثوم عليهم السلام)، في أحضان بيت النبوه ،وبه مثلو الطليعه الممتازة لبني الانسان ، اذ صانوا بيضة الإسلام وحرسو حياض الشريعه ، وكانو حماة للدين الحنيف الى حد التضحيه بالنفس والنفيس في سبيل الذود عنه ،وقد اتسموا من الناحيه المعنويه بمنزله سامية لم تبلغها حتى يد الملكوتين ،وعمت آثارهم التربوية بحيث ان كل ما تنعم به بلاد المسلمين ،هو من بركات آثارهم تلك. يقول الإمام الباقر عليه السلام : (شرقا وغربا ًفلا تجدان ان علما صحيحاً الا شيئاً خرج من عندنا ( مطهري ،2004 ص155 ) ،والبشريه في المستقبل لا حيله لها سوى اللجوء الى الإيمان بالله وبهم .
وعليه : ان فاطمة (عليها السلام) ، خير أسوه للمرأه ألصالحه في اعمالها ، في عبادتها ، في فضائلها ، في تقواها ، في تربيتها ، في حجابها ، وفي شؤونها . وقد ورد ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، ذات مره جاء إلى بيت فاطمة فرأى على باب بيتها ستراً.. وراى بيد الحسن والحسين اسورة من فضه ،فلم يدخل البيت ،وذهب الى المسجد ، وهنا عرفت فاطمة ان الرسول يحب ان يكون المسلمون كفاطمه وفاطمه كالمسلمين في مستوى واحد من المعيشه ، وان هذا الستر لا يليق بالبيت ، وان هذا السوار من الفضة لا يليق بولديها ، حيث بعض المسلمين في شده من المعيشه ، الامر الذي دفع السيده الزهراء عليها السلام بان تنزع السوارين من يد الولدين الطاهرين ،وتلفهما في الستر ، بعد ان اخذته من الباب وارسلته الى رسول الله ، عندما رأى الرسول عليه الصلاة والسلام االسوار والستر فرح كثيرا وقال :(فعلت فداها ابوها ، فعلت فداها ابوها ، فعلت فداها ابوها )( الشيرازي ،2003 ،ص79-80 ) .
وهكذا كانت فاطمة عليها السلام لاطفالها ، خير ام فكانت تقوم بشؤونهم وتغذيهم بالفضيله والتقوى ،وتربيهم باحسن ما يكون .وقد ورد ان الامام الحسين عليه السلام ،عندما كان يرجع من مسجد جده الرسول عليه الصلاة والسلام وكان طفلاً صغيراُ، كانت فاطمة تستفسره عن كلام الرسول وخطبته في المسجد ،فقد كانت تهيء اولادها لمختلف ميادين العباده والفضيله والتقوى وتشبع حاجاتهم النفسيه والجسديه (الشيرازي ،2003ص32 )،ومن هذا المنطلق كانت عليها السلام تعمل في دارها وتتحمل صعوبة العمل ,مساعده لزوجها ولابيها في بعض الاحيان ،قال سلمان (رض ): ( كانت فاطمة جالسه وقدامها رحى تطحن بها الشعير وعلى عمود الرحى دم سائل ،والحسين في ناحية الدار يبكي .فقلت لها 🙁 يابنت رسول الله دبرت كفاك وهذه فضه, فقالت : أوصاني رسول الله :ان تكون الخدمه لها يوماً ولي يوماً فكان امس يوم خدمتها (الشيرازي ،2003 ص35) .
مما لاشك فيه ان التوافق والانسجام في شخصية الزهراء عليها السلام انعكس على حياتها الاسريه ، وهذا بحد ذاته يعد معيار للصحه النفسية والاسريه ، ينبغي على المرأه المسلمه اليوم ان تتخذه في حياتها العامة والخاصة, لكي تنال السعاده في الدنيا والاخره .وهذا ليس غريباً ولا مستغرباً عند ذوي البصائر ،لانهم يعرفون ان الكون كان بفضل تلك ألسيده الفاضلة عليها السلام . فنحن نعتقد انها أفضل رمز ونموذج يمكن ان يقدم للمرأة اليوم ، فالمرأه اليوم تحتاج الى هذه القدوه المثاليه , وبلا شك ان العالم سيقبل على الاقتداء بهذا النموذج ،ان نحن نجحنا في تعريف العالم المعاصر بشخصية الزهراء عليها السلام .
من هنا ، نقول كما قال النبي( عليه الصلاة والسلام) :(كل نبي جعل الله ذريته في صلبه الا ذرية النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فانها في صلب علي وفاطمه ) (الموسوي ،2002 ،ص87 ) .
يتضح مما تقدم ، ان فاطمة( عليها السلام) لها قوة روحية هائلة استطاعت ان تشيع الانسجام والتوافق الاسري والروحي داخل بيتها ، رغم بساطة الحياة ،فلم يكن عيشها المتواضع ناتجاً عن الفقر والعوز ، بل كان نابعاًَ من الغنى الروحي والاكتفاء الذاتي, وهذا ماجعل الجو الاسري فاعلاً ينبض بالحياة , ظاهره ينم عن الفقر والفاقه ، الا انه كان غنياًبالمحبه والعلاقات الحميمه المتزنه ..
-المحور الثالث: التوافق الأجتماعي
_______________________
لاشك في أن السيدة الزهراء (عليها السلام) استطاعت ان تحقق التوافق في شخصيتها بأبعاده كافة، فلم تعش التوقعات والصراعات، نتيجة للأيمان الذي يغمرها بالسعادة والطمأنينة والاستقرار النفسي، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) – (الاحقاف/13).
ومن المعلوم أن التوافق الاجتماعي، هو قدرة الانسان على تكوين علاقات مثمرة مع المحيط الذي يعش فيه، كذلك قدرته على الحب والعطاء والعمل الفعال، الذي يجعله شخصاً نافعاً في محيطه الاجتماعي(الزيادي/ 1969، ص203).
وقد وجد علماء النفس، أن هناك ارتباط بين التوافق وسمات الشخصية، فكلما زاد التوافق زادت سمات الشخصية الايجابية، مثل: الثبات الانفعالي، قبول الذات والاخر، التسامح، التعاون، الرغبة في مساعدة الاخرين ( عبد اللطيف،1990,ص108).
وهذا بالفعل، ما تجسد في شخصية السيدة الزهراء (عليها السلام)، اذ كانت تهتم بالفقراء والمساكين وتقوم بمساعدتهم , اذ كان الأمام علي (عليه السلام) يأتي بالماء من البئر ليملأ القربة، ثم يخرج بصحبة فاطمة في الليل، وكانا يأخذان الطعام ويزوران الفقراء والمساكين في بيوتهم، ويوزعان عليهم الطعام والماء وما يحتاجونه(الشيرازي، 2003، ص81).
فحياتها كانت مواساة للفقراء والمساكين وترفعا عن الترف والترهل ،مما يعني انها عليها السلام، كانت امرأة مسؤولة وملتزمة وتشعر بالمسؤولية الاجتماعية والواجب الملقاة على عاتقها، فكانت تعمل في سبيل الناس، وكان قلبها مثقلاً بهموم الناس، وتشير الوقائع التاريخية، ان كل نشاطها ومساعيها كانت في سبيل الناس ومن اجل خدمتهم، فهي على يقين راسخ ،ان اقصاء حق زوجها عن منصب الخلافة ظلم للأنسانية وضياعه ضياعاً لحقوق الناس.
ومع صعوبة الأوضاع الاجتماعية التي كان يعانيها زوجها، لم تقصر فاطمة في اداء رسالتها الاجتماعية، بل سعت الى ادائها على افضل وجه ممكن، فقد نهضت بهذا الدور الرسالي في خضم الحوادث والوقائع الجسام وفي مناخات تعلوها تداعيات الفتن والاضطرابات السياسية، دون ان يمس هيبتها وثقلها الرسالي اي شيء.
فكان لها دور عجيب في احياء روح النساء، فقد سعت لايجاد الظروف والاوضاع التي تتيح للمرأة التخلص من الاجواء السلبية وحالة اللاأبالية، وتكرس جهودها لتحقيق الاهداف الانسانية السامية.
اثبتت (عليها السلام)، أن المرأة ليست مجرد سلعة اجتماعية تعرض في الاسواق، ذلك ماجسدته من خلال (قلة مهرها، وجهازها القليل جداً، وهو مهر السنة(ما يقارب 500درهم) لتبرهن للنساء ان الزواج ليس مجرد اشباع للغرائز وقضاء للشهوات.
ومن مواقفها( عليها السلام) انه في ليلة زفافها، اعطت ثوبها الجديد الى أمرأة فقيرة، ودخلت دار زوجها علي( عليه السلام) بثوب قديم.
كذلك تصدقت بطعامها هي وزوجها واطفالها عليهما السلام، وهم صائمون لثلاث ليال متوالية على المسكين واليتيم والاسير (المرعبي، ص127).
وفي موضوع الزواج، استطاعت عليها السلام، ان تكسر عادة زواج ابناء الاثرياء والتجار من ابناء التجار، حين تزوجت من علي ابن عمها، وكان فقيراً حتى انه باع درعه ليتزوج بثمنه.
فما اكثر الخدمات الاجتماعية التي كانت تقدمها، فهي قدوة في تحطيم السنن البالية التي تفشت في اوصال المجتمع خطأ، روي أنه في يوم وقعت عين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على القلادة التي كانت في عنق فاطمة، وقد افهمها بنظرته، بأن هناك ضرورة اكثر الحاحاً تستوجب الاهتمام بها، فما كان منها الا ان نزعت القلادة من رقبتها وارسلتها الى أبيها، وعندها قال عليه الصلاة والسلام (ان فاطمة بضعة مني)، فقد كرست نفسها لخدمة الناس، ولم تترك اي من ابواب الحركة الاجتماعية الا وطرقته.
فقد كانت تقوم بمهمة الوسيط بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين نساء المسلمين في المسائل الشرعية، وكانت النساء ترتاد بيتها وتسألن منها ما اشكل عليهن من المسائل العلمية والفكرية، فتحل لهن ذلك وتعلمهن من ثقافة الوحي ما يشفي صدورهن ويروي غليلهن.
وهكذا، قامت الزهراء بدور تغييري كبير على صعيد البناء الاجتماعي، حين اكدت على ايقاظ الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، انطلاقا”من تأكيد القرآن الكريم على مسؤولية الانسان تجاه نفسه وغيره، كقوله تعالى( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) التحريم (الاية66/6)، وتأكيداً لقول أبيها الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم: (آلا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعيه على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم …).
وهي بهذا (عليها السلام )، كانت توقظ في نفوس الناس الشعور بالمسؤولية تجاه الاخرين، والابتعاد عن المصالح الذاتية الضيقة، الذي كان فكر الانسان – ما قبل الاسلام- منصاً عليها، ومنطلقاً في تعامله مع الاخرين من منظار مصالحه وأهوائه، ومنساقاً بعيداً مع أنانيته، وهذا ما نلحظه اليوم في بعض اسرنا العربية والاسلامية، اذ بنيت على اساس المسؤولية الفردية في هذه الحياة، مما دفع بها الى الخلافات الاسرية والانحرافات الاجتماعية، في حين ان منهج السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ينطلق من منطلق ايماني، فلا يقتصر على مسؤولية الفرد امام المجتمع الذي يعيش بين ظهرانيه في هذه الحياة، وانما ينمي في الفرد المسؤولية العظمى امام الخالق العظيم في حياة اخرى، الامر الذي يؤدي الى الشعور الاجتماعي نحو غيره- الذي يسهم بدوره في بناء الامن النفسي والاجتماعي والاسري على حد سواء.
وبهذا , فأن السيدة الزهراء( عليها السلام) ازالت التناقض القائم بين الدوافع الذاتية المتمثلة بحرص الانسان على مصالحة وبين مصالح المجتمع من خلال أثارتها للشعور الاجتماعي في نفوس الناس فكانت تحرص اشد الحرص على هداية الناس الى سواء السبيل، لان عملية البناء الاجتماعي تصبح عبثاً لاطائل تحته من دون عملية التوجيه والارشاد والهداية.
وقد يتبادر للذهن بعض التساؤلات عن الاسباب التي ادت الى حرمان الزهراء من التلذذ بالاطعمة الطيبة والتمتع بزينة الحياة وزخرفتها…!! بمعنى لماذا لم ترتد الزهراء ملابس فاخرة؟ ولماذا لم تتزين بالحلي؟ فكانت حياتها بصورة عامة متواضعة جداً! في حين ان منطق القرآن الكريم يؤكد في اياته: ( كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) الاعراف من الاية(160)، كذلك قوله تعالى:(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)الاعراف من الاية(32).
طبيعياً, ان السيدة الزهراء(عليها السلام) تدرك ان منهجها الاخلاقي والانساني، لا يجعلها ان تكون في رفاهية من العيش وبجانبها جياع ومساكين من المسلمين، لذا كان يجب عليها ان تطعم المساكين من طعامها الذي يتكون من خبز الشعير، وكيف لها وهي ابنة من حمل لواء الانسانية والدعوة الى السلام والمحبة في العالم، ان تتناول مالذ وطاب من الطعام، وتتمتع بزينة الدنيا، وتلتذ بطيباتها، وهي تعلم جيداً ان اختها المسلمة. تعيش في عوز وفاقة (الابطحي، 2003، ص29).
ان الزهراء (عليها السلام)، أرادت بهذا ان تكرس قيم التعاون والتكافل الاجتماعي، لكونها الضمان الوحيد والطريق الامثل لاقامة بناء اسري واجتماعي متماسك تغيب فيه عوامل الصراع والتناحر، وتسود فيه عوامل الود والالفة والتوافق، وبهذا تكون شخصية السيدة فاطمة(عليها السلام)، معيار أصيل للتوافق بابعاده كافة، النفسي والروحي والاسري والاجتماعي وستظل هكذا الى الأبد.
التوصيات والمقترحات
________________
1- تعريف الزهراء (عليهاالسلام ) للعالم أجمع، بالاخص الجيل الجديد.
2- على المرأة اليوم ان تعي موقعها الحساس في المجتمع، على الاصعدة العاطفية والاسرية والدينية والعلمية والاجتماعية.
3- على المرأة المسلمة اليوم ان تعي ان النموذج القدوة ليس هو النموذج الغربي، فليس هو الاقدر على التعاطي مع ضرورات المرحلة، وحاجات الحاضر، لأن استعادة هذا النموذج يشكل تناقضاً صريحاً مع الهوية الاسلامية.
4- على النساء اليوم، ان تقتدي بالزهراء في التوافق والانسجام والتواؤم مع ازواجهن، وان تتجاوز صعوبات الحياة وفظاظة الزوج في سبيل الله تعالى. عندها لن تصاب باليأس والكآبة ابداً.
5- جعل يوم ولادة الزهراء (عليها السلام) ، يوم المرأة العالمي.
الهوامش
1-
المصادر والمراجع
– القرآن الكريم
-الأميني،ابراهيم،2003، فاطمة الزهراء –المرأة النموذجية في الاسلام، ط1-2 ،مؤسسة انصاريان،قم المقدسة ايران.
_ الابطحي ، حسن ،2003 ، انوار الزهراء عليها السلام ، ط1 ،مؤسسة النبراس ، النجف الاشرف .
_ البستاني ، محمود، 1994، الاسلام وعلم الاجتماع ، ط1 ،مجمع البحوث الاسلاميه ، بيروت .
_ الجماعي ، صلاح الدين احمد ، 2008 ،الاغتراب النفسي والاجتماعي وعلاقته بالتوافق النفسي والاجتماعي ، مكتبة مدبولي ،القاهره, مصر.
_ الحكيم، محمد باقر ، 2005 ، الحجه والولايه من منظور الثقلين ، مؤسسة شهيد المحراب للتبليغ الاسلامي ، النجف الاشرف .
_ زهران ،حامد عبد السلام ،1978 ، الصحه النفسيه والعلاج النفسي ،ط3، عالم الكتب، القاهره .
_ الزيادي ، محمود سامي ، 1969 ، علم النفس الاكلينيكي ،التشخيص ، مكتبة الانجلو المصريه ،القاهره .
_ السبحاني ، حعفر ،2003 ،الحجه الغراء على شهادة الزهراء عليها السلام ،مؤسسه الامام الصادق عليه السلام ،ط2 ، مكتبه التوحيد .
_ الشريعتمداري ،السيد عبد الرسول الجهرمي, 1987 ،نخبه البيان في تفضيل سيدة النسوان ، مطبعة الهادي ،ط1 .
_ الشيرازي ، محمد الحسيني ،2003 ، فاطمة الزهراء عليها السلام افضل اسوه للنساء ط6 ,دار صادق ، كربلاء المقدسه.
_ الشيرازي ، محمد رضا ، 2008 ،فاطمة الزهراء المقامات الغيبيه والوجه الحضاري ،ط3 دار العلقمي ، كربلاء المقدسه.
_الشيرازي ، صادق الحسيني ، 2008 ، تعظيم الشعائر الفاطميه ، ط2 ، دارالعلقمي ، كربلاء المقدسه .
_ الصائغ ، مجيد ، 2007 ، الاسس التربويه للمناهج التعليميه ،مطبعة الفرقان ، النجف الاشرف .
_ الصالح، صبحي ، نهج البلاغة -الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) دار الكتاب العربي، القاهرة.
_ عبد اللطيف ،مدحت ، 1990 ، الفروق بين طلاب الجامعه المتفوقين وغير المتفوقين دراسياً في التوفق النفسي والاجتماعي ،مجلة علم النفس ،ع4، الهيئه المصريه العامه للكتاب ، القاهره.
، _ فلسفي، محمد تقي ، 1969 ، الطفل بين الوراثه والتربيه ،ج1 ،ط2 ،مطبعة الاداب النجف الاشرف .
_ القائمي ، علي ،1996 ،في مدرسة الزهراء عليها السلام ط1 ,دار النبلاء ، لبنان.
_ الكعبي ، علي موسى ،2000،سيدة النساء فاطمة الزهراءعليها السلام ط1 ،مركز الرساله ، ايران.
_ الكليني , 1968 ،، الكافي، دار الكتب الاسلاميه ، ط2 ، طهران .
– ،المجلسي ، محمد باقر ،1983 ، بحار الانوار ، مؤسسة الوفاء ، ط2, بيروت .
_ المدرسي، محمد تقي ، 2004 ،فاطمة الزهراء عليها السلام ( قدوه واسوه )ط2 ، دارمحبي الحسين .
_ المدرسي ، محمد تقي ، دور العقيده في بناء الانسان ، مركز الرسالة ، ايران .
_ المرعبي، حسين ،شهر رمضان والعيد بين الاحكام الشرعيه وتقاليدالعرف، ط2 ،منشورات جامعة الصدر الدينيه .
_ مطهري ،مرتضى ، 2004 ،فلسفة الأخلاق،مؤسسه صدر الخلائق النجف الاشرف .
_ مطهري ، مرتضى 2005 ،نظام حقوق المراة في السلام،ط1 ،دار الكتاب الاسلامي ، ايران.
_ مؤسسه الارشاد والتوجيه الديني ،2007،الى الشباب من الجنسين ، ط2 ،النجف الاشرف .
_ الموسوي ، علي , 2002 ،مهر فاطمة الزهراء عليها السلام ,مجلة أفاق حسينيه ،ع3 ،دار السيد رقيه عليها السلام الثقافية ، لبنان .
_ الهاشمي ،عبد الله ، 2003 ،الأخلاق والآداب الاسلاميه ،ط3 دار العلوم ،بيروت .